]معتز: حقًا يا أبي أتعني ما تقول؟!
الأب: نعم يا بني عندما تنجح سأشتري لك دراجة.
معتز: الدراجة التي في المحل المركزي بالسوق التجارية؟!
الأب: نعم يا بني سأشتريها لك و لكن إذا نجحت وحصلت على مجموع مرتفع.
معتز: أأنت محق يا أبي؟!
الأب: نعم يا بني.
معتز: أبي هذا وعد.
الأب: نعم يا بني هذا وعد!!
ومن هذه اللحظة بدأ معتز يجد ويجتهد يومًا بعد يوم، وشهرًا بعد شهر، وفي ليالي الامتحانات كان معتز يسأل والده بعد كل امتحان: (أبي أنت عند الوعد؟!).
فيرد عليه والده: (نعم يا بني أنا عند الوعد، ولكن عليك الجهد فإني لا أخلف الوعد لأن إخلاف الوعد صفة من صفات المنافقين)، فما يزيد هذا معتز إلا حماسةً وتشوقًا.
وانتهت الامتحانات بحمد الله، ويوم ظهور النتيجة كان معتز متخوفًا واضعًا يده على قلبه
إما يفوز بالجائزة أو يخسر، ولكن بفضل الله كان النجاح حليف معتز، بل وحصل على مجموع 92% في نهاية العام.
رجع معتز مسرعًا إلى بيته فوجد أباه في انتظاره يسأله: (ها أخبرني ما الخبر).
ألقى معتز بنفسه في حضن أبيه وهو يقول له: (هيا اركب معي الآن لنذهب للسوق التجاري لنشتري الدراجة).
ركب معتز مع أبيه في السيارة، وذهبا إلى السوق، واشترى الدراجة التي كان يتمناها ويحلم بها ليل نهار، وكان هذا اليوم من أسعد أيام حياته.
رواية أخرى للقصة.
معتز:أبي أريد أن تشتري لي دراجة.
الأب:لا يا بني؛ إنها باهظة الثمن.
معتز:ولكن أصدقائي كلهم لديهم دراجات أما أنا فلا، اشتري لي دراجة.
الأب: قلت لن أشتريها لك إنها باهظة الثمن، أصحابك آباؤهم أغنياء أما نحن فلا، لا نملك هذا الأمر.
معتز: أبي ولكني أحب أن يكون لي دراجة، أعدك أني سأذاكر، و أحصل على مجموع مرتفع.
انتهز الأب هذه الفرصة وأراد أن يخرج من هذا المأزق فقال: (أأنت متأكد من هذا؟!).
معتز في لهفة: نعم، نعم، يا أبي هذا مني وعد.
الأب وهو واثق من فشله: حسنًا أرى منك النتيجة ثم أقرر.
معتز: ولكن هذا وعد.
الأب في ملل ورغبة في الخلاص: حسنًا، حسنًا هذا وعد.
ومن هذه اللحظة بدأ معتز يجد ويجتهد يومًا بعد يوم، وشهرًا بعد شهر، وفي ليالي الامتحانات كان معتز يسأل والده بعد كل امتحان: (أبي أنت عند الوعد؟!).
فيرد الأب في لا مبالاة: (أي وعد؟!).
فيذكره معتز بالدراجة ويلح عليه؛ حتى يرد عليه والده في كل مرة بملل ورغبة في الهروب: (نعم وعد!!).
وانتهت الامتحانات بحمد الله، ويوم ظهور النتيجة
كان معتز متخوفًا واضعًا يده على قلبه إما يفوز بالجائزة ـ وإن كان الشك يراوده في وفاء والده ـ أو يخسر.
ولكن بفضل الله كان النجاح حليف معتز، بل وحصل على مجموع 92% في نهاية العام.
رجع معتز مسرعًا إلى بيته فلم يجد أحدًا؛ فأباه حتى الآن لم يرجع من العمل.
جلس معتز ينتظره في شوق وهو يتخيل نفسه وهو يركب الدراجة ويلعب بها مع أصدقائه
ويذهب بها إلى المنتزهات، وفي تلك اللحظة قطع خياله صوت والده الغليظ وهو يسأله: (ها ما فعلت يا بني؟).
قال معتز و هو مسرور: لقد حصلت على مجموع 92% وأصبحت الثالث على الفصل.
أجاب الوالد في ابتسامة باردة: مبروك يا بني، لك عندي فسحة.
قال معتز في شوق: الوعد أولًا يا والدي.
الأب في استفهام: أي وعد؟!
معتز في حرقة: الدراجة يا أبي التي وعدتني بها!!
الأب في ارتباك: قلت لك يا بني إنها باهظة الثمن، ثم إني كنت أقصد إذا كنت أنت الأول؛ وهذا لم يحدث!!
صرخ معتز بأعلى صوته و هو يبكي: ولكنك وعدتني يا أبي، هذا حرام .. حرام، ليتني لم أذاكر.
ثم انصرف إلى غرفته وأغلق على نفسه الباب وجلس يعض أصابع الندم والغيظ والحسرة، وكان هذا اليوم أتعس أيام حياته.
لماذا العواقب؟
عزيزي المربي (إن توضيح عواقب الأفعال لأطفالنا أمر مهم وضروري؛ إذ إن العواقب تعلمهم التفكير
فالعواقب تساعد أطفالنا على معرفة أن أفعالهم تؤدي إلى نتائج إيجابية أو سلبية
ومن ثم يتعلم الأطفال أن الحياة مليئة بالاختيارات وأن اختياراتهم تؤثر بشكل هائل على ما يحدث لهم
وحين يوضح الآباء عواقب الأفعال لأطفالهم؛ فعندئذ يبدأ الأطفال في تعلم طرق ناجحة للتصرف) [تربية الأطفال بالفطرة السليمة، د.راي بيرك، ص(23)].
(إن تشجيع الطفل يؤثر في نفسه تأثيرًا طيبًا، ويحثه على بذل قصارى جهده لعمل التصرف المرغوب فيه
وتدل الدراسات أنه كلما كان ضبط سلوك الطفل وتوجيهه قائمًا على أساس الحب والثواب
أدى ذلك إلى اكتساب السلوك السوي بطريقة أفضل، ولابد من مساعدة الطفل في تعلم حقه، ماله وما عليه
ما يصح عمله وما لا يصح، وذلك بصبر ودأب، مع إشعار الأطفال بكرامتهم ومكانتهم، مقرونًا بحسن الضبط والبعد عن التدليل) [إليك أختي المربية، خولة درويش، ص(6)].
عزيزي المربي كن عند كلمتك!!
إن من أهم الصفات التي لابد أن يتسم بها المربي الناجح هي صفة الصدق.
وإن المصيبة الكبيرة التي تهدد أطفالنا هي أن يكون الآباء والمربين كذابين
خاصةً فيما يتعلق بوعد الطفل شيئًا ثم إخلاف هذا الوعد، إن (الطفل الذي ينشأ في أسرة تلتزم الصدق على نحو تام تقوى لديه الحاسة الخلقية
ويكتمل لديه الالتزام الخلقي، والأسرة التي تمارس الكذب لا تساعد أبناءها على امتلاك فضيلة الصدق
وإنما تسهل لهم الاستمرار في أخيلة الطفولة، وتضع حدودًا عقلية وشعورية لاكتمال تلك الفضيلة لدى أبنائها
فهل يدرك الأب الذي لا يلتزم الصدق، والأم التي تمارس الكذب المسئولية المضاعفة لهما عن تصرفاتهما؟!) [دليل التربية الأسرية، أ.د.عبدالكريم بكار، ص(164-165)].
إن إخلاف الوعد له آثار سلبية كبيرة على الطفل من ذلك:
· أن يسقط الأب من نظر الطفل؛ فهو لا يقول ما يفعل.
· أن يُصاب الطفل بالإحباط؛ لأنه كان يعمل لينال هذه الجائزة ويجدَّ، ثم بعد ذلك لم يجد نتيجةً في نظره لهذا الجدِّ والعمل.
· يفقد الطفل روح التحدي والمنافسة ووضع الأهداف والتوصل إليها؛ لأنه فقد قيمة النجاح.
· يجعل هذا الطفل يعمل مقارنات بينه وبين الآخرين من آباء أصدقائه الذين يعدون ويوفون.
· أن يتعلم الطفل نفسه الكذب ويكون ابنًا كذَّابًا وفي المستقبل أب كذَّاب أيضًا.
عزيزي المربي لا تكلف نفسك تشجيعًا كبيرًا إن لم تستطع الوفاء به: (إن كلمة "أشكرك" يمكن أن تصنع مفعول السحر في علاقتك بأبنائك
عندما تستخدمها على النحو الصحيح .. ويمكنك إضافة قوة دفع هائلة لهذه الكلمة بأن تضيف إليها "شكرًا جزيلًا" أو "إنني أقدر ما قمت به"
إنك بهذه الكلمات تعطي أبناءك الثقة في قيامهم بما هو مطلوب منهم على وجه مرض وجيد
وهذا يدفعهم إلى مزيد من محاولة اتقان ما تطلبه منهم، وهذا هو ما يريحك في عملية التربية والتعامل مع الأبناء) [اللمسة الإنسانية، محمد محمد بدري، ص(165)].
لذلك عزيزي المربى كن عند كلمتك، وتعود أن لا تقول إلا ما تفعل، وألا تعد إلا وأنت واثق تمام الثقة أنك ستوفي
لتكون قدوة لطفلك ولأنك تصنع الرجال والأبطال لا تربي العيال والسلام!!
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أهم المراجع.
تربية الأطفال بالفطرة السليمة، د.راي بيرك.
إليك أختي المربية، خولة درويش.
دليل التربية الأسرية، أ.د.عبدالكريم بكار.
اللمسة الإنسانية، محمد محمد بدري.
--------------------------------------------
منقول مفكرة الإسلام